ثقافة النثر والقصيد
ناقوس يدقُّ …!

محيي الدين كانون *
حبُّكِ ناقوسٌ يدقُّ في صمتي …
نجمةٌ التبانةِ في درْبِ الصحاري الكبرى …
لتائهٍ تعطلت بوصلته …
حبُّكِ يهدي خيولي المطهمة نحو مراعيك …
بوصلتي تضبط اتجاهاتي بين فتن الرّيح ِ …
2
حبُّكِ نار ٌ فوق علم …
قمْر ٌ فسفوري…..
يتدلى في دلهم سمائي …
يسكبُ دموعَ الليلِ وضمأ النهارِ …
ويضيءُ عُتْمَةَ الليالي المظلمة …
حتّى وإنْ كانّ القمرُ يأفلُ أحيانا …
ويبدل ُ شكولَهُ واحداً تلوَ الآخرِ …
لكنّك ِ ستظلين رِغَّمَ علم الفلكِ أنت قمري
الوحيد …
الذي لا يتبدل ولا يأفل …
كم أحبه دائما في ليالي الشتاء …!
وليالي الصيف …!
يطل و يشع في حنايا الروح …
لا آبه لموتٍ عابرٍ…..،،،
سبحانك ربيِّ أبدعت القمر والشمس …!
وأبدعت قمري ….!
3
بستانكِ مترعٌ بَأزهار اللوز المشعشعِ البياض …!
لكنّه للأسف …
ما عاد لقلْبِي أنْ يحطَّ فوق أغْصانكِ …
ويرفرفُ لبهرةِ الشُّروق المشع من عينيكِ ….
لم يعد يطربه نداء الكروان ….
مثل ما كان يُنادينا أيامَ السُّكرِ….
منذ سنينٍ ….
4
عند عتبة العمر تعثر بجادة عمر ابن المختار …
و ارتعشت ظلال ذكرى حين رآها …
وعيناه كانت على خطوط مشاة طرابلسية..
حين أفسح الطريق لسيدة جميلة وقورة لم
تمحو قسماتها السنين. ..
هي مَن تعثرت أولاً قبلهُ فوق خطوط المشاة …
بنفس مشيتها ونظرتها وخصلة من شعرها…
وصاح وهو يعبر الطريق ….
كم أُحِبْكَ أيها العمر الجميل …!!
5
عصفت الرِّيحُ بأجنحتي ….
بين البرْدِ و الأنْواءِ وحبّات المطْرِ الثقيلِ ….
غادرني لقاؤك ….
6
لم يعدْ بستانكِ مترع بَأزهار اللوز المشعشعِ
البياض …
ولم يعدْ لقلبي من محطة فوق أغْصانكِ ….
7
تغيّرَ أتجاه بوصلتكِ صديقتي ….
و الّتَوَتْ عقارب ساعتنا من زَمان …
إتخذَ كلُّ منّا سمْتَه و راح ….
ضد الرِّيح …
ضد التيار …
ما عُدْنَا نلْتقي …..!
ولم تعد أغنيتنا واحدة …
8
يا الله ….
التقينا معاً …
وهذه المرّة كُنّا معاً …
ومعاً ضدَّ المغول الجُدد …
9
المجد لك َ يا حِضْنُ طفولتنا …
يا بيْتُِنا القديم…. ِ
يا وطنُنا الحبيب ِ…
أجْمعْتنا باقةً بين يديك الحانيتين …
فلن ننكسرْ ….
وإنْ أنكسرتَ أَنْتَ يا وطني …
فلن ننكسرَ ….
حتي حينَ تتركُنَا يديكْ …
وتنْكسرْ أنْتَ …!
لن ننكسرَ ….
10
قلبي يرتجف كالورقة في مهب الريح….
والنهر أخذ مجراه لا مباليا …
عندما عاد ظلي مرتعشا فوف رقرقة الماء….
حامت بعض العصافير لغير سبب…
ولم يكن وجهي الذي كان يرتعش فوف رقرقة الماء …
حين اسًتًوقَفْتُ ظِلْي وحُرْني …
عاد قلبي يرتجف على النّهر كورقة خضراء
وكان وجهُها يتماوج فوق الماء….
حطت حينها عصافيرُِ ملونة ُ فوق الشجرة….
تحوم فوق قلبي ووجهها …
تغني للنهر بأغنية جديدة ….
* شاعر وروائي من ليبيا