ثقافة النثر والقصيد
أُحبني كثيراً

إسراء ناصر*
مشاعرنا التي توفيت واحدة تلو الأخرى
ملأت قلوبنا بالمقابر
ثم ماذا؟؟
لقد رحل الجميع
قريب.. صديق.. وحبيب
لم أعد استطيع أن أخسرني مرة أخرى لأجل أحد
أنا أغلى كثيراً من أن أكبدني عناء القرب من أشباه بشر
وفي نهاية كل نكبة
لطالما كنت أمسك يدي وأضمني في وفاة مشاعري
لم أقم عزاء
ولم أدعو أحداً ليشرب الشاي معي
ويدعو ويصلي
لم اختبئ بحضن أحد
ولم أطلب مسح دمعي
كنت أقف وأواجه الحياة بكل كبرياء بمفردي
كنت دائماً الجميع
لا أبالي صدقني إن فقدت آخرين
وبالأحرى
أنا الآن أتعامل مع أطياف
لا مكان لأحد بحياتي
رحلوا وسترحلون
وسأمسك بي دائماً كالعادة
أن يموت بعينك كل شيء فيما عداك
يجعل منك شخصاً آخر
آخر ينغمس في نفسه
يجد الحياة فيه
ويتكئ على الآخرين الذين يسكنونه
أحبني كثيراً
علمت معنى أن يحب المرء نفسه بجنون
فكنت الأب والأم والصديق والعاشق والمعشوق
كنت جميعهم بحسب ما يقتضي الأمر
لم يكن جنوناً أن تحادث نفسك لساعات
ثم تبتسم وتصرخ أو حتى تبكي
ومن ثم تحتضن ذاتك
لن يفهم أحد أن في داخلك مجتمعاً برمته
الأمر رائع عندما يصبح للوحدة معنى آخر
ألا وهو الانتماء إلى الذات
*شاعرة من اليمن