المجلة الثقافية الجزائرية

اخر المقالات

الإعلامية المصرية منى أبو شنب للمجلة الثقافية الجزائرية:

كورونا كشفت وعرّت واقعنا الاجتماعي بكل مصائبه وكوارثه

منى أبو شنب إعلامية مصرية جريئة وشجاعة، فهي لا ترفع شعار \”حقوق المرأة\” ولا تنتمي للكيانات النسائية التي تحركها جهات مشبوهة على حد تعبيرها، لكنها تدافع وبقوة عن قوامة الرجل وحقوقه وتتبنى مبادرة \”تعدد الزوجات\” باعتباره مبدأ إسلامي يحافظ على كيان الأسرة العربية من التفكك والانحلال الذي تعاني منه المجتمعات المتقدمة. ضيفتنا امرأة مثقفة وعاملة في التلفزيون المصري، ترفع الصوت عالياً بآرائها وقناعاتها دون الالتفات للانتقادات التي تنال منها.. المجلة الثقافية الجزائرية حاولت الإضاءة على أفكار منى أبو شنب الإعلامية والمثقفة فكان هذا الحوار:
حاورتها: باسمة حامد

مبادرتي قوبلت برفض شديد في البداية

المجلة الثقافية الجزائرية: لنبدأ الحوار من مبادرتك بخصوص (تعدد الزوجات) التي قوبلت برفض وهجوم المهتمات بشؤون المرأة.. كيف وجدت تفاعل المجتمع مع هذه المبادرة داخل مصر وخارجها؟
منى أبو شنب:
في البداية قوبلت برفض كبير من النساء في مصر وخارجها، كما تعرضت لهجوم شديد من نساء تونس والعديد من النساء العربيات اللواتي يعشن في دول أوربية، أما الرجال ومن كل الأديان فكانوا داعمين لمبادرتي قلباً وقالباً، لكن مع وجود تحريض غربي بضرورة تخريب العقيدة الإسلامية بالإضافة لمفاهيم اجتماعية خاطئة بخصوص الزوجة الثانية (باعتبارها خرّابة بيوت وخطافة رجالة) كان الأمر يزداد صعوبة، لكن مع الوقت حدث تحول إيجابي حيث بدأت الزوجة الثانية تعبر عن نفسها وتدافع عن موقفها الداعم لتعدد الزوجات عبر رفع الصوت ومراسلتي والكتابة في صفحتي الشخصية.

جمعيات أنصار المرأة لا تدافع عن النساء..

المجلة الثقافية الجزائرية: الزوجة الثانية في المجتمعات العربية يُنظر لها بعين الريبة والاتهام عموماً، هل هناك فجوة بين الخطاب العلني عن حقوق المرأة وما يمارس ضدها في الواقع؟
منى أبو شنب:
طبعاً هناك فجوة بين من يدعون أنهم أنصار حقوق المرأة وبين الزوجة الثانية رغم أنها امرأة!! لكن هؤلاء في الواقع لا يدافعون عن حقوق المرأة ولذلك أنا لا أعترف بالكيانات النسوية التي تدعي الدفاع عن حقوق المرأة لأن عندها تمييز عنصري ضد المرأة. بل إن هدف تلك الكيانات هو (خراب البيوت) لأنها بساطة تتبنى فقط الدفاع عن المرأة ضد الرجل الزوج والأخ والأب ولا تدافع عن الأسرة بأكملها. تتحدث عن حق المرأة في النفقة مثلاً! طيب أين حقوق الأبناء؟! أين حق الرجل؟! أين حق الأسرة؟! الإسلام ساوى بين الزوجة الأولى والثانية والثالثة والرابعة.. لكن الفكر الماسوني غرز سهامه في ثقافتنا الاجتماعية –عبر الأفلام والمسلسلات- وهو فكر منحرف مسموم يروج لمفاهيم سلبية تفرّق ولا توحد، وهدفه زيادة نسب العنوسة والطلاق وتدمير الكيان الأسري وهدم مبادئ الدين الإسلامي في مجتمعاتنا.. الأصح والأسلم –وهذا ما أعمل عليه- أن نصحح مفهوم القوامة للرجل ونشجع على تعدد الزوجات منعاً للعلاقات المحرمة التي ينتج عنها مشاكل اجتماعية خطيرة لا تعد ولا تحصى.. وهنا أشير إلى أن تعدد الزوجات أقرته دول عديدة كماليزيا والسودان حفاظاً على المرأة، وهو مبدأ أقرته الديانة اليهودية لكن لا أحد يجرؤ على تناول هذا الجانب بالنقد والتجريح، والسبب لا يخفى على أحد طبعاً.

تقاليد المجتمع الآن تدين الرجل..

المجلة الثقافية الجزائرية: باعتبارك تطالبين بضرورة مواجهة العنف الموجه ضد الرجل: ألا تعتقدين أن المجتمع يقف حائلاً أمام معالجة مشكلاته أحياناً كونه محكوم بالأعراف والتقاليد والمفاهيم النمطية الخاطئة؟
منى أبو شنب:
ما نلاحظه أن الأعراف والتقاليد في وقتنا الراهن تدين الرجل ولا تنصفه، فالكيانات النسوية التي تحركها المنظمات الماسونية العالمية \”تشيطن\” صورة الرجل وخاصة الأزواج وهذا الأمر يظهر بوضوح في مصر، ومعلوم أن الزوج يتحمل أعباء مادية ومعنوية قد تفوق طاقته قبل الزواج وبعده. وللأسف تلك الكيانات تحث المرأة على الطلاق تحت شعار (الكرامة) و(الحرية الشخصية) وغيرها.. إذاً نحن أمام واقع اجتماعي عالم مزري جعل معظم الرجال محبطين ومقهورين والهدف من هذا الضغط طبعاً إضعاف دور الرجل العربي ومن ثم السماح للفكر الماسوني الفاسد بالتفشي والانتشار على حساب القيم العربية والإسلامية الأصيلة.

التكنولوجيا دمرت المجتمعات

المجلة الثقافية الجزائرية: ما نلاحظه أن التقدم التكنولوجي الهائل في عصرنا الراهن يقابله تراجعاً مهولاً في القيم الاجتماعية والنفسية.. فالقلق والاكتئاب والخوف والعنف والتطرف والجريمة في تزايد مستمر على مستوى العالم .. ما تفسيرك لهذا الأمر؟
منى أبو شنب:
بكل تأكيد التقدم التكنولوجي نجم عنه انحلال أخلاقي وانحراف وإلحاد ومشاكل اجتماعية مخيفة وأمراض نفسية كثيرة حتى في الدول المتقدمة زادت معدلات الجريمة والزنا والشذوذ والتحرش والانتحار والتفكك الأسري، لأن من اخترع التكنولوجيا خطط طويلاً من أجل الاستخدام الخاطئ للتقنيات الحديثة، فهذه التقنيات تقوم على مبدأ أساسي وهو (الاختلاط)، ولذلك مثلاً نجد أن كثيراً من حالات الخيانة الزوجية سببها الاختلاط ومحاربة الزواج المبكر ودعوات (المساواة) بين الرجل والمرأة. علماً بأن كل الأديان السماوية نادت بحقوق المرأة وحافظت عليها وبينت واجباتها، وكذلك بينت حقوق الرجل وواجباته باعتباره قائد الأسرة والحديث النبوي بهذا الخصوص واضح لا لبس فيه \”كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته\”، والحقيقة أن الدين الإسلامي كرم الإنسان عموماً وكرم المرأة بوجه خاص ولم يضطهدها كما يشيع الفكر الماسوني وجماعاته، ولذلك كتبت كاتبة أمريكية أن \”المرأة المسلمة هي أطهر كائنات الأرض لأنها تحمل بصمة الزوج فقط\”. التكنولوجيا دمرت مجتمعاتنا لأننا لم نستخدمها الاستخدام الآمن كما هو الحال في الصين واليابان وهي دول تمنع أطفالها من استخدام الشبكة العنكبوتية والهواتف النقالة قبل سن 12، حفاظاً على الأجيال الناشئة.

المجلة الثقافية الجزائرية: نتيجة التحولات الراهنة والانفتاح المطلق أصيبت المجتمعات العربية والإسلامية بخلل مخيف في منظومتها الاجتماعية مؤشراته تظهر بوضوح في ارتفاع نسب الطلاق والتفكك الأسري وزنا المحارم وغيرها .. ما سبب ابتعاد الناس عن المعايير الدينية والأخلاقية برأيك؟
منى أبو شنب:
الأسباب عديدة لعل أهمها:
– وجود محاولات لهدم الدين، وتحريم الحلال وتحليل الحرام
– طغيان الإعلام الفاسد الذي يخوف الجمهور من الدين ويحصر المفاهيم الدينية بالتطرف والجماعات الإرهابية.
– الفن الهابط الذي يشجع على العري ويبرر الانحلال واللعب على وتر المرأة المظلومة وإباحة الحب قبل الزواج.. وهذا الاتجاه (السم في العسل) موجود للأسف خصوصاً في مسلسلات رمضان لإثارة الغرائز والشهوات وضرب القيم الاجتماعية.
– البرامج الدينية غير المدروسة ومعظمها تسيء لمكانة الرجل ودوره.
– الاستغراق في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي .. وهي أداة الغرب الاستعماري لمحاربتنا في الوقت الراهن واستعمارنا فكرياً وثقافياً بعيداً عن السلاح التقليدي الذي حاربه العرب رجال ونساء في الجزائر ومصر وكل البلاد العربية التي تعاقب عليها المستعمر (التركي والفرنسي والإنكليزي) في الماضي. المفارقة في هذا الموضوع أن دولة مثل تونس أعطت تراخيص لأماكن الدعارة ومنعت تعدد الزوجات بالقانون!!
– انعدام الرقابة والضمير.
– ربط الدين بالإرهاب والإرهابيين وعدم التركيز على وسطية الإسلام وسماحته.

نواة هذا الحوار يبدأ في الأسرة

المجلة الثقافية الجزائرية: ضمن هذا الواقع، كيف يمكن أن يستفاد من وسائل التواصل الاجتماعي في ضبط الظواهر السلبية وتعزيز الأمن الفكري للمجتمع؟
منى أبو شنب:
مطلوب رفع الوعي العام بالتعاون بين المجتمع والمؤسسات الرسمية.. ولا بد للدولة من أن تقوم بدور فاعل في هذا المجال عبر تجديد الخطاب الديني وإتاحة الفرصة لعلماء الدين الحقيقيين لمخاطبة الناس وتنوير عقولهم بعيداً عن المفاهيم المزيفة، كما يجب حجب المواقع الإباحية والتيك التوك وغيرها، ومن الضروري أن تقوم الأسرة بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب وتفعيل الرقابة على الأبناء ومساعدتهم لتخصيص وقت محدد لوسائل التواصل وتشجيعهم على الإبداع والابتكار وتنمية هواياتهم.

المجلة الثقافية الجزائرية: لا شك أن التكنولوجيا سمحت باستيراد نماذج سلوكية غريبة لا تتفق مع ثقافة مجتمعاتنا العربية.. كيف نعالج هذه المسألة وسط حالة الاغتراب النفسي بين الشباب ومجتمعهم؟
منى أبو شنب:
يجب أن يكون هناك حوار حقيقي مع الشباب والأطفال لتعريفهم بمزايا وسائل التواصل الاجتماعي ومخاطرها.. ونواة هذا الحوار يبدأ في الأسرة وليس بالمؤتمرات الشكلية، إذ لابد من تقوية الوازع الديني لدى الأبناء وتنويرهم بالخطأ والصواب وتعويدهم على التفكّر والتدبّر ومناقشتهم والإصغاء لهم، فأبنائنا أمانة في أعناقنا ليوم القيامة.. بل حتى عند اختيار الزوج والزوجة أقول يجب أن يتم هذا الاختيار بناء على معايير دينية وأخلاقية لضمان بناء كيان أسري سليم في المجتمع..
كورونا عرّت واقعنا الاجتماعي بكل مصائبه

أصبح عندنا (خرس زوجي)

المجلة الثقافية الجزائرية: على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي جلبت العديد من الفوائد إلا أنها أصبحت شريكة أساسية في التنشئة الاجتماعية.. برأيك لماذا تراجع دور الأسرة؟ ولماذا فشل العديد من الآباء والأمهات الجدد في صناعة أجيال صالحة تبدع وتفكر وتنتج؟
منى أبو شنب:
للأسف لم يعد هناك حوار أسري، فكل فرد في الأسرة مشغول بهاتفه النقال، أصبح عندنا (خرس زوجي) الأم –وهي عمود البيت- لم تعد تصغي لمشاكل أولادها وربما لا تتكلم معهم أصلاً إلا بمواضيع الدراسة والامتحانات.. كذلك الزوج والزوجة لا يتكلمون مع بعضهم وهم تحت سقف واحد..والحديث الوحيد الذي يدور بينهما هو حديث النقود ومصاريف البيت فقط! وطبعاً انعدام الحوار داخل البيت جعل الأبناء يبحثون عن حلول لمشاكلهم خارج البيت مع الأسف الشديد وهذا الأمر أدى بهم لخلل نفسي وانحرافات كثيرة..

المجلة الثقافية الجزائرية: إذاً كيف تستعيد الأسرة سلطتها ودورها لبناء مجتمع سليم وسوي وآمن؟
منى أبو شنب
: مرة أخرى أشدد على ضرورة وجود حوار أسري ومجتمعي.. يجب أن يكون لدينا وقت لنتناقش ونتحاور ونتبادل الأفكار بكل احترام فيما بيننا.. ويجب إصلاح الإعلام وتقديم برامج تربوية واجتماعية هادفة تحافظ على كيان الأسرة وتضيء على دور الرجل والمرأة بالتوازي دون الانحياز لصف المرأة كما هو حاصل حالياً، كما يجب الارتقاء بالمحتوى الفني المقدم للجمهور في السينما والدراما، وتوعية الشباب المقبل على الزواج.. وهذا ما أحاول أن أقدمه عبر صفحتي الشخصية.

المجلة الثقافية الجزائرية: معطيات الأمم المتحدة -بعد جائحة كورونا- تظهر زيادة كبيرة في حوادث العنف الأسري، برأيك ما هي الإجراءات والتدابير التي تعتقدين أنها ذات أولوية لاحتواء هذه الظاهرة خصوصاً وأن معظم البيوت العربية ترزح تحت وطأة الهم المعيشي والضغوط الاقتصادية المتزايدة؟
منى أبو شنب:
كورونا تسببت بتردّي الوضع الاقتصادي ما شكّل ضغطاً كبيراً على الأسرة نتيجة زيادة البطالة والعجز عن تلبية متطلبات المعيشة اليومية. وضيق الحال فاقم من حوادث العنف الأسري وزنا المحارم والاكتئاب والخيانات الزوجية والانحراف خصوصاً وأن الحجر الصحي فرض على الجميع التواجد القسري في البيت ما أدى إلى حالة إجبارية من الاحتكاك المباشر، وأساساً في كثير من حالات العنف التي وقعت مؤخراً سبه انعدام الترابط الأسري.. الحياة الزوجية قائمة على الرحمة والمودة والتقدير لكن ما يحدث هو العكس حيث غاب الاحترام وتواطأ الجميع على الأخلاق والأصول والقيم.. فالزوج يسافر ويتغرب ويكد ويتعب سنوات طويلة ليؤمن حياة كريمة لأسرته، في حين أن الزوجة بغيابه تبحث عن علاقات محرمة، والزوج في حالات كثيرة يصمت عن خيانة زوجته كي لا يدفع نفقات الطلاق.. والأبناء يتمردون على واقعهم ويبحثون عما يسمونه (حرية).. وكل هذا الانفلات حدث ومازال يحدث في مجتمعنا المصري، بصراحة كورونا كشفت وعرّت واقعنا الاجتماعي بكل مصائبه وكوارثه!!
أود أن ألفت الانتباه إلى نقطة هامة وهي مسألة انتشار الإسلام في الدول الأوربية انتشاراً كبيراً رغم التحرر بحمد الله وفضله، وهذا الأمر تؤكده البرامج الإعلامية التي تنادي بضرورة التوجه نحو القيم الدينية كمنع المساكنة ومنع العلاقات بين الجنسين قبل الزواج، وتؤكده أيضاً الدراسات الغربية، واحدة من تلك الدراسات أشارت إلى أن نصف المجتمع البريطاني سيكون عام 2050 مسلماً.. وأن أكبر جالية إسلامية موجودة في فرنسا وهي معقل الماسونية. وبالنسبة لي كل ما أتمناه وأسعى إليه أن يوفقني الله في عملي لإعادة الأسرة إلى الطريق الصحيح، فرغم سودواية المشهد ومع كل ما تسعى إليه الماسونية العالمية لهدمنا وهزيمتنا من الداخل إلا أن اليقين عندي بأن الله غالب على أمره.

للقراء الجزائريين والمغرب العربي، وكذلك متابعينا من الجزائريين في فرنسا وأوروبا نضع لكم رابط قناة الإعلامية الجميلة منى أبوشنب على اليوتيوب