المجلة الثقافية الجزائرية

اخر المقالات

الروائية الجزائرية ياسمينة صالح للمجلة الثقافية الجزائرية:

أجرت الحوار: باسمة حامد

بقلمها البارع الذي ينحاز في كل ما يرمز إلى الوطن تثبت الروائية الجزائرية ياسمينة صالح مرة أخرى أنها علامة فارقة في المشهد الأدبي الجزائري المعاصر، فمن خلال روايتها الجديدة \”لخضر\” استطاعت أن تعبر باقتدار عن ذاتها كمبدعة وإنسانة تحترم عقل القارئ و ذائقته بلغة قوية مميزة لا تخلو من الإدهاش. في هذا الحوار نحاول أن نقترب أكثر من هذه الكاتبة قليلة الحديث الصحفي.

  بين واقعين يتحايل الكاتب ليس على القارئ

المجلة الثقافية الجزائرية: كيف تفضلين تقديمك عادة في الحوارات ..بأي وصف؟

ياسمينة صالح: كما تشائين على شرط دون ألقاب..

المجلة الثقافية الجزائرية: سأبدأ من روايتك الأخيرة “لخضر”، وسأنطلق من صفحتها الأولى ومن جملتها \”أشخاص وأحداث الرواية محض خيال ولا علاقة لهم بالواقع\”.. كيف تشرحين لنا هذه الجملة !

ياسمينة صالح: انطلاقا من مضمون الرواية لا تحتاج الجملة إلى شرح، إنها تشرح نفسها بنفسها ! ثمة واقع حقيقي برفضه الناس وثمة واقع نصنعه وبين الواقعين يتحايل الكاتب ليس على القارئ بل على حقيقة ان ما يحدث بكل بشاعته هو حقيقة!

الكتابة ليست ذاكرة أشياء بقدر ما هي ذاكرة أشخاص

المجلة الثقافية الجزائرية: لقد وجدتني أغوص في تفاصيل الرواية، في تقاطعاتها بين الموت والحياة، وفي تلك الأحداث الدامية التي عاشتها الجزائر.. هل هذا خيالا!

ياسمينة صالح: الكتابة ليست ذاكرة أشياء بقدر ما هي ذاكرة أشخاص، وهي ليست مطالبة بالإجابة على أسئلة الراهن إجابة تاريخية محضة، ولا سياسية، ولهذا أظن أن الرواية “لخضر” كانت صورة من ذاكرة يتقاطع فيه الواقع بالخيال! فليس ثمة رواية واقعية بشكل مطلق، ولا خيالية بشكل مطلق !

المجلة الثقافية الجزائرية: أين تضعين هذه الرواية تحديدا ضمن ما صدر لك من قبل؟

ياسمينة صالح: أضعها في مكانها لا أكثر، روايتي الرابعة !

لا جدوى من الكتابة إن كان الكاتب يكرر نفسه في كل عمل !

المجلة الثقافية الجزائرية: كتب الناقد الأردني” سميح الخطيب” واصفا روايتك بالمهمة، ونشر موقع “النيل والفرات” لبيع الكتب واصفا روايتك بالملحمة الإنسانية، هل تشعرين أنك حققت تقدما في العملية الإبداعية الخاصة بك؟

ياسمينة صالح: أنا أجتهد لأجل هذا، لأجل أن أجدد في أدواتي الإبداعية، وأطورها، وهذا بحد ذاته يشكل بالنسبة لي هاجسا، فلا جدوى من الكتابة إن كان الكاتب يكرر نفسه في كل عمل !

المجلة الثقافية الجزائرية: يبدو لي أن اهتمام النقاد العرب بأعمالك الأدبية كان أكبر من اهتمام النقاد في الجزائر، هل توافقينني الرأي؟

ياسمينة صالح: يسرني أن النقاد العرب يهتمون بالأدب الجزائري ككل، وأما عن النقد في الجزائر، فلا أظن أن ثمة حراكا نقديا جادا كي أقول أنني ظلمت من هذه الناحية، على اعتبار أن الأعمال الأدبية الجزائرية تلقى نفس الإهمال، وعدم المبالاة من قبل النقاد على قلتهم، وهذا شيء خطير بلا شك، ربما لأن الحراك الأدبي الذي تعيشه الجزائر يجب أن يواكبه حراكا نقديا أكاديميا ، على اعتبار أن النقد ليس مجرد وجهة نظر يمكن كتابتها في مقالة تتسم بالمجاملة أو بالعداوة بعيدا عن النص نفسه   !

يوجدإبداع جزائري مكتوب بالفرنسية من الصعب القفز فوقه

المجلة الثقافية الجزائرية: في هذا السياق، ما رأيك بالحركة النقدية التي تواكب أعمال الكتاب الذين حطموا \”المنفى اللغوي\” الذي فرضه الاستعمار الفرنسي على مثقفي الجزائر واستماتوا للكتابة بالعربية؟

ياسمينة صالح: كما قلت لك، ليس هنالك حركة نقدية بالمعنى الدقيق بكل أسف، على الرغم من التميّز ـ لا شك ـ الذي أصبح يحققه الأدب الجزائري في شكل روايات جيدة تصدر من حين لآخر، أما الشطر الثاني من سؤالك، فلا شك أنه الرهان الأجمل أن تكون العربية لغة الإبداع الجزائري، رغم كل الظروف، ورغم التضييق، ورغم سياسة الشطح التي أهملت الجانب الفكري من الثقافة.. مع ذلك، يوجد أيضا إبداع جزائري مكتوب بالفرنسية من الصعب القفز فوقه، فهو أيضا يحمل خصوصيته الجزائرية وجودته، فلا يمكن إنكار وجودهم وما يحققونه لأنفسهم أولا كأدباء جزائريين.. المسألة مسألة إبداع في النهاية  ..

المجلة الثقافية الجزائرية: هل تؤيدين تحوّل الكاتب من لغة إلى لغة؟

ياسمينة صالح: إن كان سيبدع بها فلم لا.. 

المجلة الثقافية الجزائرية: من يعنيك أكثر القارئ العادي أم الناقد؟  

يياسمينة صالح: يعنيني النص الذي أكتبه لأنه سوف يطلع عليه القارئ والناقد معا   !

المجلة الثقافية الجزائرية: هل توافقين بأن هنالك عناية \”مبالغ فيها\” بأعلام الرواية الجزائرية الأوائل؟ وهل صحيح  أن الاهتمام النقدي ليس مرتبطا \”بأهمية\” أعمالهم بقدر ما هو \”تقدير\” لذواتهم الشخصية؟

ياسمينة صالح: لا أدري ماذا تقصدين بالعناية المبالغ فيها، لكني سأقول لك أن هذا يحدث في كل البلاد العربية، ثمة نخبة تتاجر بالثقافة وأخرى تبدع وتتلقى على قفاها ! المشهد تجدينه في كل الدول العربية دونما استثناء   !

عندما يتجرد الأدب من – قضية الإنسان – يصبح بلا فائدة

المجلة الثقافية الجزائرية: كتاباتك الأدبية تحمل دائما رؤيتك وآرائك عما يجري.. فماذا عن ماهية الإبداع وطبيعته من وجهة نظرك.. وهل يجب يكون للإبداع \”وظيفة وغاية معرفية\” بالإضافة إلى الإدهاش اللغوي؟

ياسمينة صالح: عندما يتجرد الأدب من غايته الإنسانية – قضية الإنسان – يصبح بلا فائدة ! 

المجلة الثقافية الجزائرية: بكلمات مختصرة.. ماذا تقولين عن المرحلة التاريخية الراهنة في وطنك؟

ياسمينة صالح: ضبابية، وليس في وطني فقط، بل في كل الوطن العربي   !

المجلة الثقافية الجزائرية: كيف يتعاطى المبدع مع الحياة في وطن \”تساقطت الأرواح فيه بالجملة\” ؟  !

ياسمينة صالح: بإصراره على الحياة، وإقباله عليها.. إنها مضادات حيوية للخوف، والانهزامية واليأس والانقراض   !

المجلة الثقافية الجزائرية: ما هو الوطن الذي تنحازين إليه..؟

ياسمينة صالح: الكتابة   !

الإنسانية – الكرامة – العدالة الاجتماعية الخ !

المجلة الثقافية الجزائرية: والمدينة التي تستدرج شغف الكتابة عنها..؟

ياسمينة صالح: الإنسانية – الكرامة – العدالة الاجتماعية الخ !

المجلة الثقافية الجزائرية: هل يحتاج الإبداع للخيال أم للواقع حتى يكون أكثر صدقا و تأثيرا و عفوية؟!

ياسمينة صالح: يحتاج لكل ما ذكرته، ويحتاج لنفسه أكثر شيء ! مثلما يحتاج إلى قلبه وإلى الآخرين ! الكتابة ليست منفصلة عن الآخرين، إنها تؤسس لشيء يتحول إلى وجبة فكرية جماعية في النهاية ! لهذا الواقع والخيال شيئان لا يتجزآن !

المجلة الثقافية الجزائرية: متى تحجمين عن الكتابة؟

ياسمينة صالح: عندما أموت !