المجلة الثقافية الجزائرية

اخر المقالات

وفاة جدتي

بقلم عبدالقادر رالة

تأوه جلال، صمت قليلا… ثم قال بغضب:

تسألونني كيف ماتت جدتي؟… 

كنتُ غائبًا حتى أني لم أحضر جنازتها… والسبب حفيدتها، ابنة ابنها، رفضت لها طلبا !طلب بسيط جدا !ارتفع ضغط دمها… أسرعوا بها إلى المستوصف… انذرهم الطبيب بأنها في حالة خطر! وهي امرأة مسنة، فلا يجب عليهم إقلاقها أو إغضابها…

وصفَ لها الدواء…

وعادت إلى بيتها، وأغلقت على نفسها غرفتها… أصيبت بالاكتئاب.

وفي اليوم الخامس وجدوها جثة هامدة في فراشها….

تتسآلون ما هو الأمر التافه؟ أو ما هو الطلب الذي رفضته الحفيدة؟ 

اسمعوا!… خُطبت الحفيدة، وحُدد اليوم الذي يفد فيه العريس مع أهله لكي يدفعوا المهر والهدايا، وتقرر أن يكون ذلك يوم السبت…

وبالطبع تُقام لذلك وليمة، وطلبت الجدة إلى حفيدتها أن تدعو سنية زوجة حليم، ابن أخيها المتوفى، وسنية امرأة طيبة ومحترمة ، وأكثر أقاربي توقيرا لجدتي، فبين الحين والأخر تدعوها للعشاء والمبيت عندها لليالي عديدة، وإذ احتجت جدتي بأنها مسنّة ولا تستطيع المشي، فإنها تطلب من ابنها رضوان أن يكتري سيارة ويأتي بها…

ردّت الحفيدة الطلب، وتوسلتْ الجدة إليها، ثم تكلمت إلى ابنها فصمت ولم يقل شيئا، واقتربت من أمها فتنهدت آسفة بأن لا سلطة لها على بنات اليوم وبالكاد أقنعتها بأن تدعو بعض قريباتها هي من عمات وخالات…

ولم تستطع جدتي أن تتحملْ…غضبتْ… صرختْ… لماذا تتضايقون من سنية الأرملة، الطيبة؟ قطعة حلوى… لقيمات كسكسى… 

ارتفع ضغطها فحملوها إلى المستوصفْ فلم تحضر الوليمة ،لاهي ولا بناتها الأربع إذ بقين مع أمهن فزعات…