أحمد غانم عبد الجليل
كيف حالك يا سيدي
أرجو أن تكون بخير
أما نحن…
فكما تدري
جوعى، عطشى
يأسف لحالنا الغير
دون جدوى
دون نجدة
دون حياة
ولا موت
وإن صرخنا
إن استنجدنا بنخوة العرب
وغير العرب
لا يُسمع لعويلنا صوت
لكن…
المهم أنك بخير
وكل أبنائك
وأحبائك
وعشيقاتك الفاتنات
الوقورات، العفيفات، الشريفات
اللواتي لا يفنينَ تحت الركام
لا يتسوَلنَ الطعام
لا يتراكضن في الزوايا
لا يتعريْنَ أمام الكاميرات
وعطورهنَ الفوّاحة تسكن الخفايا
واللواتي لا يبحثنَ عن بقايا أهل
ولا بقايا فجر
مشتت في الطرقات
طرقاتنا كلها مظلمة يا سيدي
لا ندري إلى أين توصلنا
باكية، ناحبة
جِد جِد طويلة
وكالعادة يا سيدي
لا نعرف ما الغاية
ولا حتى ما الوسيلة
فليس المهم أن نعرف
أن نصدِق
أن نوافق على موتنا بالجملة
لكي يتهادى بين جثثنا القتلة
المهم أنك قررت
عزمتَ وتوكلت
توضأت وصليت
وأقمتَ صلاة الغائب
ونحن نردد من خلفك
آآآمييين
والمهم كل الأهمية
أن يكون سادتنا بخير
والعمائم والكوفيات
يرفرف من حولها الطير
وأن تبقى تحلم وتخطط
تتاجر وتقبض
كما تُقبَض أرواحنا يا سيدي
ما بين دمار ودمار
مبارك عليك يا سيدي بدء القتال
ومبارك علينا الجنان
بلا انتظار
ما دمتَ يا سيدي
أنت وبقية سادتنا الكرام
تدعون لنا عند كل سجدة صلاة
ما دمتم تجعلونا مثل حبات مسبحاتكم
وما دمتم دومًا وأبدًا قادتنا الأخيار
مع كل دوي رصاص
وتعالي القصف
مع كل هتاف
وكل رجفة خوف
ها قد بدأت موجة جديدة من الموت
بعد إذنك يا سيدي
لعلي أكون من المحظوظين
فأجد راية تلف رفاتي
والحمد لله
الحمد لله وألف
راياتنا كثيرة
أكثر من كل رفاتنا
أكثر من نثار أشلائنا
نحن سنموت
وتبقى راياتنا وتبقون
تخطبون من فوق المنابر
تحفرون لنا المقابر
وتتضاعف التجارة
أكثر، وأكثر، وأكثر
وكل الأطراف رابحة
كل الأطراف… نابحة
عذرًا يا سيدي عذرًا
لأني أثقلت على جنابكم الكريم
لأني استلبت من وقتكم الثمين
يا لجرأتي
يا لوقاحتي
ولكن أيضًا
يا لسعادتي
أن الجميع
أقصد جميعكم بكل خير