المجلة الثقافية الجزائرية

اخر المقالات

طفله صغيرة

عبدالقادر رالة

 

 كنت ابلغ من العمر اثنا عشر سنة، طفلة صغيرة، غير أن أمي رأت أني بلغت مبلغ النساء!..

   أول مرة في حياتي تأمرني أمي بتحضير القهوة لأجل أبي، وأخي عمر.. أصاب أمي ألم شديد من شدّة التعب ، فلم تقدر على النهوض، ولا تهتم أمي بأحد مثل اهتمامها بأبي، فهو يحب شرب القهوة في المساء، ويغضب اذ لم تكن فوق الصينية في وقتها المحدد !..

   وجلستُ الى الكانون ..الماء موضوع في الآنية البرونزية ،يغلي…

   التفتُ يمينا… التفتُ شمالا.. جرونا الصغير رمادي اللون مستلقي عند عتبة الباب مستمتعا بالنوم.. ألأكيد أنه يتلذذُ بالأحلام؛ لا ادري هل الكلاب تحلم مثلنا؟..

   نظرتُ إليه.. ثم الى الآنية.. ثم إليه مرة أخرى.. أمعنتُ النظر في الكانون … ألسنة النار الحمراء والزرقاء، وهي تلتهب.. ثم إليه.. ثم الى الإبريق والفناجين حوله …

   حملتُ الآنية المملوءة بالماء الساخن وأفرغتها عليه.. نبح .. أسرع الى الحوش يعوى بألم!..

  أقبلت أمي فزعة، ألفتني واقفة والآنية البرونزية في يدي… صفعتني بقوّة..

ــ ماذا فعل لك الجو المسكين؟.. أردت أن أتكلم فصفعتني على الجهة الأخرى..

 رجعت الى مكاني..أضفت قليلا من الماء إلى الآنية، بينما أتت أمي بفراشها وجلست أمامي مستندة على الحائط، وكان العرق بتصبب من على جبينها…