المجلة الثقافية الجزائرية

اخر المقالات

هِلَّوْفَاتْ المُسْتَبِدِّينْ

نوح بلمبروك*

 

وأنت تقف مشمئزاً مُسْتَفَزًّا بين تواترات واقعنا المرّ، وتهافتات البطالين المقيمين على أرتاع فوضى الجهل في محطات الشهرة المائعة، تجدك صوب النهر الذي يجري إلى السبيل الميسر له، تخفض الرأس تارة وتعلو به تارة أخرى، تمتشق سيوف الرهبة تخاطب وتحاضر الزمن بقولك: أي سبيل سبيلك وأي طريق تخطوه في غدوك. تتملكك اللهفة إلى أن تظهر بعض آرائك العالقة في جوفك، مستبدة بك منها ما يؤجج صبوك ومنها ما يثري ظنّك، إلى أن تجد أنَّك في كل أحوالك تميل إلى التفاهة بمفهومها المعاصر، فالتافه اليوم ليس ما تعتقد يا صديق الدرب، التافه تحكمه قواعد العرف الضّال. لست أنت من يحكم، فأنت العاقل الذي ليس له شاهد، وأنت المغامر بوعيك والمستطير في واقع الهوان. 

على مرِّ العصور تجد أنَّ للنجاح قواعد تحكمه، وأول قواعده أن تُبرز جانبك المشرق، وأن تَغلب على طبعك المثالية، وأمَّا اليوم فالنجاح أصبح أسهل مما كنت تظن وتحسب، يكفي أن تكون مستعداً لتقبل بعض الوقاحة من ذاتك، عندها ستجد أنَّ هناك كثرٌ ممن يضعونك في جانبهم المشرق، فلا ينادونك بالناجح فقط، بل ستكون أعجوبة عصرك فتظفر بلقب “المؤثر”.

أعرافك يا صديقي قد داستها طابوهات المجتمع الراقي، المتأسلم عقلًا وروحًا، فإن استبد بك الوهم يا عزيزي! وظننت أنَّ النجاح يطلبك، فإنَّك أثنيت على نفسك وجعلت منها أعجوبة الزمن. فأمثالك كثرٌ ولكن لا لون ولا وزن، فلست العاقل الأوحد ولا السالف الأمرد، فالغاب تحكمه الأسود، وترقص في وسطه الضباع.

*كاتب جزائري