المجلة الثقافية الجزائرية

اخر المقالات

وداعا عمي الطاهر!

ونحن نعد للعدد الجديد من المجلة الثقافية الجزائرية، إذ بالهاتف يرن، وإذ بزميل صحفي يعلن لنا خبر وفاة الروائي الجزائري الكبير الطاهر وطار.. كان صوته حزينا، ولم أقل سوى: إنا لله وإنا إليه راجعون.. عمي الطاهر (هكذا لقبه في الوسط الأدبي الجزائري) رحل تاركا خلفه العديد من الأعمال الإبداعية التي سوف تظل راسخة في ذاكرة الأجيال الثقافية الجزائرية والعربية…

وقد حظي بالتكريم في آخر أيامه، على الرغم من \”تواضع\” ذلك التكريم الذي عادة ما يبدو كإهانة للمبدع أكثر منه تكريما لعطاءاته، لكن الطاهر وطار نال تقدير الأجيال الأدبية الجزائرية المتعاقبة، رغم كل الجدالات البيزنطية التي حاول البعض تكريسها كسجال ثقافي خال من الحكمة، ومن العمق الذي من المفترض ألا يتحول إلى تصفية حسابات بين \”الديناصورات\” الثقافية التي حاولت وتحاول احتكار الساحة الأدبية في الجزائر، نابذة الأدباء الذين يحاولون أخذ نصيبهم من الأمل، حتى لا نقول من الحياة !

الروائي الجزائري الكبير الطاهر وطار عاش المراحل بحلوها ومرها، كتب وأبدع وخلّد اسمه كواحد من أهرامات الأدب الجزائري الحديث، ولعله كان أفضل من الكثيرين الذين يشعرون بالبرد في قبرهم، إذ لا يذكرهم أحد رغم عطاءاتهم المميزة والكبيرة والمهمة، كالأديب الكبير\” عبد الحميد بن هدوقة\” على سبيل المثال لا الحصر.. رحل \”عمي الطاهر\” بعد سنوات من المرض والتعب والضجر الذي كان يشعره في ذاته إزاء ما آلت إليه الثقافة في البلد، وإزاء ما آل إليه المثقف الذي يعيش أغلبه على حافة الهامش والمرض والإهانة، لا يجد سريرا يتداوى فيه من المرض إن هو مرض، ولا يجد \”شخصا مهما\” يسأل عن صحته، أو ينعه بكلمة إن هو مات أو رحل ! رحم الله عمي الطاهر الذي وجد من يحمل نعشه إلى مقبرة العالية، ورحم الله كل المثقفين الذين لن يعرف الناس بنبأ وفاتهم، لأنهم غالبا ما يموتون بصمت تفرضه كرامتهم الرافضة للتذلل !

رمضان كريم