كل عام تثير جائزة البوكر العربية الجدل بين الأدباء والكتاب والقراء في الوقت نفسه، وهذا ما يجعلها محط أنظار الجميع، وفي اعتقادنا أن ذلك يعد شيئًا جيدًا، لأن اختلاف وجهات النظر يولّد حراكًا ثقافيًا باتجاه الرواية، ويولد أيضًا تساؤلات لدى القراء، مما يدعوهم إلى اقتناء الرواية، وإلى قراءتها.
يقول الناقد الدكتور سعد البازعي، وقد رأس لجنة الجائزة ذات دورة: “مهما كانت عيوب جائزة البوكر فإنها تمثل تحديا للجوائز العربية بل وبعض العالمية في ناحية واحدة مهمة: شفافيتها، الإفصاح عن أسماء المحكمين وهوياتهم وآلية اتخاذ القرار. من الصعب على البقية، ومن بينهم جائزة نوبل نفسها، تحقيق ذلك القدر من الشفافية.” ليعلق عليه بسخرية الكاتب عبد الله بن بخيت بسؤال: هل تقصد جائزة الإمارات للرواية؟ ليرد عليه البازعي: أقصد بها جائزة البوكر التي تشرف عليها مؤسسة بريطانية هي نفسها التي تمنح البوكر العالمية وهي التي وضعت نظام الجائزة. الإمارات تدفع مشكورة قيمة الجائزة وتحتضن حفل توزيعها. فهي ليست جائزة الإمارات للرواية.”
بينما الكاتب الخالدي قال: “يشبه بعض التعليقات التي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي بعد فوز زهران بالبوكر، تلك التي واجهتها مواطنته عائشة السيفي؛ التشكيك والانتقاص، هذه التعليقات تشي بمرض متفشٍّ في الذات الثقافية لدينا، نحاول عبثاً أن نداريه بمساحيق التجميل! لكنه يطفو كالبثور في الوجه عندما يتعرض لامتحان الضوء والصورة والمكانة والمنصب والقيمة المادية. تتكرر كل عام، وبخاصة عندما يفوز مبدع خليجي بالجائزة، موجة التعليقات الغاضبة والساخرة التي تضرب خبط عشواء. من حق الناس تقييم العمل الروائي ونقده لا شيطنته أو تأطيره أو حبسه في تابوهات مناطقية أو عنصرية، أو إخضاعه للثقافة الاستعلائية التي تحملها فئة من المثقفين، فموجة السخط التي تلفّ وسائل التواصل كلما أُعلن عن فوز مبدعٍ خليجي تدعو للاشمئزاز فعلاً.
كذلك الحال بالنسبة للكلام المموه الذي يقول: إن توزيعات «البوكر» تخضع لرغبات التقسيم الإقليمية… حدث شيءٌ مشابه قبل شهور، عندما واجهوا الشاعرة العمانية الفائزة بجائزة «أميرة الشعراء» بسيل من التشكيك والتشويه والسخرية، وقالوا عندها إن القائمين على جائزة «أمير الشعراء» قرروا هذه الدورة أن يمنحوها لامرأة، فكانت العمانية عائشة السيفي…!” (منشور رأيه هنا في الصفحة).
لم أرشح رواياتي للغط القائم حول الجائزة
يقول الروائي علي المقري في مقالة له نشرت في مجلة المجلة: “أظن أن تاريخ الرواية العربية سيصبح، مع الدّارسين، مقسّما قسمين، ما قبل الجائزة العالمية للرواية العربية، المعروفة بـ “البوكر العربية” وما بعدها. فما تثيره هذه الجائزة من لغطٍ سنوي صار علامة على حيويّة المنجز الأدبي الذي يزداد عددا كل عام، بل إن هناك من تشجّع لإظهار موهبته المخبأة، بعد أن وجد الجوائز والقوائم والتصفيق!
في كلّ عام يترقّب الروائيون والنقّاد وعشّاق القراءة إعلان القائمة الطويلة وما أن تُنشر حتى يبدأ الصخب، هناك من يقول بدءا إنّها غير متوقّعة، وإنّ هناك روايات جديرة كان يفترض أن تضمّها القائمة، وكأنّه متأكّد أن هذه الروايات رُشّحت بالفعل من قبل الناشرين والكتّاب. وهناك من يقول العكس ويتحمّس لهذه القائمة، وهو كسابقه لم يقرأها بعد، أو يطلّع على معظم كتبها، باعترافه.
ثم يأتي الجدل حول الروايات التي تستحق أن تصعد إلى القائمة القصيرة، وحين يُعلن عن هذه الأخيرة ينزعج ويحتج كثيرون على عدم صعود روايات، أو رواية بعينها، من القائمة الطويلة، وربّما يذهبون بعيدا فيرون أن ذلك إقصاء من لجنة التحكيم وإدارة الجائزة لخوفهما من منافستها على الجائزة. وهي الجائزة التي يمنحها القرّاء لمن أرادوا مسبقا، وتصير أي نتيجة مرفوضة من قبلهم، حتى إن بعض دورات الجائزة صارت معروفة بالأسماء التي أثير حولها الجدل، فهناك دورة خالد خليفة ودورة علوية صبح ودورة إنعام كجه جي ودورة طارق إمام وهكذا.
والقارئ بالتأكيد له أهمّية كبيرة في القراءة بل والتقييم والحكم على مجريات الجائزة، ولهذا فهو الملاحُ، أو الرّيح، التي لا تستطيع أن تمشي سفينة الجائزة من دونه، أو يمضي الملاّحون بتجاهله.
بعض الكتّاب يريدون أن يبقوا خارج هذا اللغط، خاصّة وأن غصّة انتابتهم، بعد تجربتهم في ترشيحات سابقة، فما عادوا يقبلون ترشيح أعمالهم معتقدين أن هناك إشكاليات جوهرية تتعلّق باختيار لجان التحكيم وإدارة الجائزة
بعض الكتّاب يريدون أن يبقوا خارج هذا اللغط، خاصّة وأن غصّة انتابتهم، بعد تجربتهم في ترشيحات سابقة، فما عادوا يقبلون ترشيح أعمالهم معتقدين أن هناك إشكاليات جوهرية تتعلّق باختيار لجان التحكيم وإدارة الجائزة. أنا جرّبت هذه الغصّة، فعلى الرغم من أن روايتين من أعمالي صعدتا إلى القائمة الطويلة، في بداية تجربتي السردية، إلا أنني أصبت بما يشبه الخذلان من تقييم لجنة التحكيم، والجائزة عموما، حين رشّح الناشر روايتي “بخور عدني” إلى الجائزة ولم أجدها في القائمة الطويلة، في حين وجدت روايات لا ترتبط حتى بأولويات فن السرد، وبعضها فيها توليفات من رواية القرن الثامن عشر والحكايات العربية القديمة. وكنتُ أعرف أن هذا تقييمي الخاص لعملي وقد لا يشاركني فيه أحد، إلا أنني لا يمكن، في المقابل، مهما بلغ أوج التشكيك في قدرتي، أن أتجاهل قرابة أربعين سنة في قراءة فن السرد وتحولاته الجديدة، فقرّرت، لكي لا أصاب بغصّة جديدة، ألا أوافق على ترشيح رواية جديدة لي للجائزة، فاعتذرت من الناشر حين أراد أن يرشّح روايتي التالية، ولم أقل للقراء الذين تمنوا لي حينها حظا سعيدا في المرّات القادمة أن روايتي لم ترشح في الأساس!
ومع موقفي هذا، لم أقم بمهاجمة الجائزة، أو لجان التحكيم، فحسب ظني أنها تقوم بفعل هائل لصالح انتشار الرواية العربية وازدهارها، مهما كانت هناك من سلبيات أو ملاحظات قد تكون واضحة للقراء وللمتابعين، ولهذا لم أتردّد في الموافقة حين طلب مني مجلس أمناء الجائزة أن أكون عضوا في لجنة تحكيم الجائزة في إحدى دوراتها. كنتُ أريد أن أعرف بعض الخبايا من هذه التجربة، واكتشفت ألا خبايا هناك.
ما يمكن قوله إن ميزة أعمال لجان التحكيم في البوكر هي السماح للأعضاء بالنقاش حول الأعمال المرشحة، إلى درجة الحدّة، أحيانا، وهذا ما لا نجده في جوائز أخرى تعتمد إدارتها على جمع تقييمات الأعضاء، حسب الدرجات، ثم تقرّر هي لمن تمنح الجائزة. ناهيك عن أن البوكر العربية فيها هامش من الحرّية تتجاوز فيه بعض الخطوط الحمراء المكرّسة في الثقافة العربية، ولهذا هناك روايات صعدت إلى قوائمها، بل وفازت بالجائزة، وهي ممنوعة في بلدان كُتّابها.
تقوم البوكر بفعل هائل لصالح انتشار الرواية العربية وازدهارها، مهما كانت هناك من سلبيات أو ملاحظات قد تكون واضحة للقراء وللمتابعين
وإذا ما أتيحت لك الفرصة وجلست مع محكّمين سابقين في هذه الجائزة، فإنّك ستسمع أن الحدّة كادت أن تصل بينهم في بعض الجلسات إلى الصراع بالأيادي، وليس بالكلمات فقط، وأنه من غير الصحيح القول إن جميع الأعضاء يأتون للدفاع عن روائيي بلادهم، فهناك من يعمل كلّ جهده من أجل ألا يصعد أحد كتّاب بلاده لإحدى القوائم، لأسباب شخصية، وإن هناك من يقوم بمراسلة لجان التحكيم، بعد إعلان أسمائهم، من أجل أن يقصوا اسما ما لا يروق لهم!
ومع كل هذا الحال واللغط الدائم صار البعض يظن أن جائزة البوكر العربية حظّ ونصيب، بمثابة قضاء وقدر يمكن أن يحصل عليها أي كاتب مهما كان مستوى روايته.”
لعنة البوكر وسرية العصبة!
بينما تمنى خالد خليفة في مقالة له أيضًا في مجلة المجلة: ألا تصيب “لعنة البوكر” كما يسميها، الروائي زهران القاسمي ، والتي لا يتسع المجال هنا لشرحها.
وأضاف: كل الكتاب يعتقدون بأنهم جديرون بالفوز بأرفع الجوائز، وهذا شعور طبيعي في مهنة يعتمد الفوز فيها على تقييم لجان التحكيم وذائقتهم ومعرفتهم وعدالتهم في المقام الأول، والوهم الذي يعيشه الكاتب المنتج في تقييم ذاته ونصه في المقام الثاني، لذلك يكتسب وقت إعلان الجوائز أهمية خاصة، الإحباط الذي يرافقها عموما أكبر وأعمق بكثير من الإحساس بالنجاح الذي يراود شعور الرابحين في القوائم القصيرة على الأقل. أعرف كتابا حولهم انتظار ربح الجوائز إلى معتوهين، مشدودي الأعصاب، يعملون بما يظنونه جذابا وينال رضا لجان التحكيم أو القائمين على تسيير أمر هذه الجوائز، تتراجع كتابتهم، والأثمان التي من الممكن أن يكونوا قد دفعوها ذهبت سدى، وكتاب آخرون يكثفون العمل ويطبعون حسب روزنامة وتواريخ التقدم إلى الجوائز.
وتساءل الكاتب: أخلصت الجوائز لمفهوم العصبة والعمل السري الذي يجري به تسيير كل شؤون حياتنا. نحن لم نعتد وليس من حقنا السؤال مثلا عن تغيير منهاج تعليم مادة التاريخ لطلاب الثانوية، لا أحد يسألنا، في كل العملية التربوية لا أهمية لرأينا.
التعليق على خالد خليفة
وشخص أحد الكتاب في تويتر سبب الجدل بالتالي: “هناك أمر مضحك فيما يخص كُتّاب البوكر، وهو أنهم يستفيقون على مظلوميتهم فجأة، بعد أن تصيبهم الغيرة من فوز غيرهم ممن لا يحظون بربع شهرتهم، كما حصل مع خالد_خليفة في مقاله المنشور اليوم. أنا مع منح #بوكر لخليفة. جائزة رديئة تستحق كاتباً مثله بمستواها.”
هل تنشر محاضر التحكيم؟
وكتب ماريان سعيد إن البوكر العربية ومنذ تأسيسها كانت الأكثر إثارة للجدل، إلا أنها في الوقت نفسه تعمل وفق المبدأ نفسه، ما يحدث في جلسات ونقاشات لجان تحكيمها شيء يخص الجائزة، ولا يجوز الخوض فيه، رغم أنه في كواليس المهتمين خاصة من الصحافيين العارفين، بعد إعلان الجائزة يجري تسريب كل تفاصيل لجان التحكيم وأسرارها، والسيء في الأمر تحوّل هذه التسريبات الشفهية إلى حقائق تاريخية يجري تداولها مؤقتا وتذهب إلى النسيان بعد وقت قصير كما حصل مع جوائز الستينات والسبعينات.
هل تفعلها البوكر وتعلن بأنها ستنشر محاضر التحكيم، وتشجع باقي الجوائز على فعل ذلك، وتكون هي الرائدة والسباقة في نقل الجائزة إلى مستوى أهم مما هي عليه الآن؟
طبعا لدينا عدد كبير من الجوائز ولسنا بصدد تعدادها، نادرا ما نجد معلومات وتفاصيل عن نقاشات لجان التحكيم وحواراتهم. كما يحدث في الكثير من الجوائز العالمية، كما أسلفنا لأن الثقافة العربية تعتبر الأمر شخصيا، أسراره يجب أن تبقى طي الكتمان، ما عدا جائزة نجيب محفوظ التي أسستها الجامعة الأميركية في القاهرة لتكريم كاتبنا الكبير، تعلل الفوز بملخصات طويلة باللغتين الإنكليزية والعربية، حين لم يكن لديها قوائم طويلة وقصيرة، لكنها الآن انضمت إلى رفيقاتها من الجوائز العربية، ولا أعرف إن كانت ستعمل وفق المعايير الأميركية في كشف نقاشات لجان التحكيم، أم وفق المعايير العربية التي تقدس السرية، وهي مفضوحة على كل لسان.
إذا ركزنا حديثنا عن الجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” نجد بأنها قد تكون الأكثر إثارة واستقطابا للاهتمام، فالخاسرون لديهم دوما حكايات طريفة، محزنة، وأحيانا مضحكة، لكنها جزء من تاريخ الجائزة.
البوكر ومنذ دورتها الأولى تثير الجدل، ولن ينتهي الاتهام لها إلا بخضوعها للمعايير الدولية التي تقول إن ما يحصل خلف كواليس لجان تحكيم جائزة البوكر شأن يخص الثقافة العربية برمتها، ويجب نشر محاضر جلسات لجان التحكيم كاملة بعد عدد محدود من السنين.
ويقول: لديّ اعتقاد حقيقي بأن المؤسسة المنظمة والداعمة للجائزة لا تتدخل لا من قريب ولا من بعيد بنقاشات لجان التحكيم، لكن من يختار لجان التحكيم يوجه الدفة نحو فوز مناطقي أو أيديولوجي، وهذه مسؤولية مجلس الأمناء المعلنة أسماؤهم كما هو معروف بكل شفافية.
لكن العمل على المزيد من الشفافية وكشف محاضر جلسات التحكيم بعد عدد من السنوات، يمنعان حتى لجان التحكيم من الاحتكام لمعايير خارج الكتابة، وسيصبح ما يحدث الآن جزءا مهما من تاريخ الكتابة العربية. لا أُخفي شغفي الشخصي بقراءة محاضر لجان التحكيم في الدورة الأولى التي كانت الأكثر حرارة حتى الآن التي فاز فيها عن استحقاق الروائي الكبير بهاء طاهر عن روايته “واحة الغروب”، وكخاسر أود أن أعرف كيف نظر المحكمون إلى عملي “مديح الكراهية” وإلى أعمال رفاقي في القائمة القصيرة، كما لديّ شغف لأعرف ماذا حدث في الدورات اللاحقة التي جرى فيها تجاهل كتبي الأخرى.
هل تفعلها البوكر وتعلن بأنها ستنشر محاضر التحكيم، وتشجع باقي الجوائز على فعل ذلك، وتكون هي الرائدة والسباقة في نقل الجائزة إلى مستوى أهم مما هي عليه الآن؟”
……………………………………….
الجدل المتكرر كل عام..
……………………………………..
جدل يكاد أن يكون متكررا كل عام بل مع كل جائزة، ففي كل عام مع إعلان جائزة الرواية العربية البوكر، تثار العديد من الآراء بشأن “تسييسها” لكن الوتيرة زادت هذا العام وخصوصا بعد انسحاب الكاتبة العراقية إنعام كجه جي الفائزة بالقائمة القصيرة للبوكر عن روايتها النبيذة، عن حفل إعلان الجوائز وكتابه منشورا على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” تشكك فيه في نزاهة اللجنة.
هدى بركات هي من فاز لا الرواية
وكانت هدى بركات قالت في أثناء استلامها جائزة البوكر العربية: “في الحقيقة أريد أن أشدد على شكر لجنة التحكيم فأنا كما بات معلوما كنت رفضت ترشيح بريد الليل للبوكر حين طلبت مني دار الآداب أن أرشحها فقلت (كلا أنا زعلانة منهم) ذلك لأن في سنة 2013 كنت كتبت رواية لا أزال فخورة بها جدا وهي ملكوت هذه الأرض ولم تصل إلى القائمة القصيرة وحين التقيت بالصدفة عام 2015 في لندن بالسيد جوناتون تيلور قال لي ما رأيك بجائزة البوكر بنسختها العربية قلت ليست جيدة لأني كنت لم أرقَ حتى إلى القائمة القصيرة وبعد ذلك مرة أخرى قلت لناشرتي كبرت على الامتحانات وأني لا أريد أن أتقدم لهذه القائمة من جديد لذا مرة ثانية أشكر لجنة التحكيم لأنها شجعتنا على الترشح حيث طلبت ترشيح الرواية وكان لنا هذه المرة أمل في أن تشق هذه الرواية طريقها”.
ويعلق الكاتب إبراهيم عادل، على هذا، قائلا: “هذه الكلمة تبدو وكأن هدى بركات هي من حصلت على الجائزة وليست روايتها بريد الليل”، وبالتالي يتبادر السؤال إلى الذهن هل الجائزة تحسب للأشخاص فثلا كانت هناك العديد من التوقعات بفوز روائية امرأة للجائزة حتى قبل إعلان القوائم، فإذا كان الأمر كذلك تتحول من جائزة تقدم للأعمال الأدبية إلى جائز تقدم للأدباء، متابعا أن هذا العام الجائزة فقدت مصداقيته.
وأكد عادل أن الجدل المثار بشأن الجائزة يدل على الوعي الثقافي لدى القراء في الوطن العربي فقبل البوكر لم يكن هناك هذا الزخم الفكري لدى القراء ولم يكن هناك انفتاح على الآداب في الدول العربية الأخرى، فضلا عن عدم وجود وسائل تواصل للتعبير عن الآراء، لكن في الوقت الحالي نشهد توقعات قبل إعلان القوائم من الجمهور بناء على قراءاتهم، مؤكدا الوعي والاهتمام بالرواية وبالجوائز الأدبية.
مقاطعة
وكتبت أنعام كجه جي (2019): “الآن بدأ في أبو ظبي حفل الإعلان عن الفائز بجائزة البوكر للرواية العربية، وجدت أن من المناسب الامتناع عن حضور الحفل بسبب التسريبات التي سبقته وتضر بهذه الجائزة، لا يمكنني المشاركة في ما نسميه باللهجة العراقية عرس واوية، مبروك للعزيزة هدى بركات فوزها بالبوكر، وهي تستحق ما هو أفضل من هذه الجائزة التي كانت على حق يوم دعتني لمقاطعتها”.
هدى بركات تستحقها
وقال الناقد حسين حمود أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، إن خلال السنوات الأخيرة، أثير جدل واسع حول بعض الجوائز التي قدمتها البوكر، لكن ليس كل الجوائز متصورا أن هناك بعض الفائزين والفائزات بجائزة البوكر العربية، منذ بدايتها وحتى الآن يستحقون الحصول على هذه الجائزة، مؤكدا أن فوز هدى بركات بهذه الجائزة في هذه السنة فوز مستحق تماما.
وأكد الناقد الأدبي في تصريحاته لـصحيفة “الوطن القطرية” أن فيما يخص موقف إنعام كجه جي بانسحابها من الحفل، وبعض الملابسات الأخرى والتي منها تصريحات هدي بركات نفسها في كلمتها عند استلامها الجائزة فإن كل هذا لا يمنع كون أعمال هدى بركات تمثل علامة مهمة في المشهد الروائي العربي المعاصر، وأنها تستحق أن تحصل على هذه الجائزة، وهي في النهاية لم ترفضها، مؤكدا أن لجنة التحكيم في هذه السنة لجنة معروفة بالنزاهة والحيادية وبالاهتمام بالعمل الأدبي من حيث هو عمل أدبي ولا تنطلق من انحياز سياسي أو جغرافي.
وقال الروائي هشام الخشن، الذي دخلت روايته “جرافيت” عام 2015 قائمة الطويلة لجائزة “بوكر”، إن في كل عام يثار الجدل حول الجائزة مؤكدا أن فوز هدى بركات بجائزة البوكر لا يشكك في نزاهة الجائزة بأي شكل من الأشكال، فرواية “بريد الليل” “عظيمة”، حسب تعبيره، وجودة الرواية لا يقلل من جودة وكفاءة الأعمال المنافسة له، فـ”الكتاب عظيم ورائع” لكن الجائزة تقتضى فائزا واحدا، وكان فوزها في سياق متوقع قائلا: الجائزة هي التي ربحت هدى بركات فهي كاتبة لها شأنها وروايتها جيدة جدا”.
وتابع الخشن، في تصريحاته لـ”الوطن” أن كل لجنة لها ذائقة مختلفة، وهذا لا يقلل منها فلجنة تحكيم البوكر تقرأ كل الروايات وتختار 16 كأفضل 16 رواية في العام، ثم يحدث انتقاء آخر للقائمة القصيرة حتى يتوج عملا واحدا ليفوز بجائزة الرواية العربية، مؤكدا اختيار الروايات في القائمة الطويلة شرف في حد ذاته وتكريم القائمة القصيرة له أبعاد ثانية مثلا ذائقة اللجنة، فهناك نقاد يميلون للرواية التاريخية وآخرون للكتابة النسائية وهكذا”.
وأكد الكاتب الذي دخل القائمة الطويلة للبوكر في 2015 أن ما يشكك في نزاهة أي جائزة هي ألا تقرأ الروايات المتقدمة وهو ألا يحدث في البوكر فاللجنة تؤدي عملها في ضوء ذائقتها الأدبية، مؤكدا أن البوكر من الجوائز التي يعد الحصول عليها شرفا أدبيا.
سقوط البوكر
وقال الكاتب الروائي خليل الجيزاوي وكيل وزارة بالمجلس الأعلى للثقافة، أن فوز الكاتبة هدى بركات يثار حوله كلام كثير، وأن هناك تسريبات تؤكد من أبلغ الروائية العراقية إنعام كي جي بأنها الفائزة، بدليل عدم حضورها حفل إعلان الجائزة، وهناك تسريبات أخرى أكدها الكاتب الروائي عبده وازن الساعة الواحدة ظهرًا، بينما تم الإعلان عن الجائزة في السابعة مساء، تؤكد أن هدى بركات انسحبت من القائمة القصيرة لجائزة البوكر، أو طلبت من دار الآداب عدم الاستمرار في مسألة الترشح، للضغط على لجنة التحكيم، ثم اتصلت بها لجنة التحكيم ورفضت، وأخيرًا طلبت لجنة التحكيم من دار الآداب ناشر روايتها: بريد الليل، بمحاولة إقناع هدى بركات بقبول الاستمرار في الترشح للجائزة، ووعدوها بالحصول على الجائزة.
وأوضح الجيزاوي أن هدى بركات أكدت أن هذه التسريبات الصحيحة عندما قالت في كلمتها بعد تسلمها جائزة البوكر: “إن لجنة التحكيم تُصالحني”، قائلا لـ”الوطن”: هذا “سقوط” لجائزة البوكر حيث إن من المفروض أن لجنة التحكيم سرية، وأنه ممنوع على أعضاء اللجنة الاتصال بأحد المرشحين، ولكن هناك علامات استفهام كثيرة، وشبهات فساد ومجاملات تحوم حول حصول بركات على الجائزة هذا العام، والمتفحص لأسماء لجنة التحكيم يجدها أسماء متواضعة جدًا، لا تكاد تذكر بين الأوساط الأدبية والثقافية.
حسابات غير أدبية
وأكد الكاتب إبراهيم عادل مسؤول عن نادي لقراء المحترفين، إن الجائزة تثير الكثير من الجدل بمجرد إعلان القوائم الطويلة والقصيرة، وذلك لاختلاف الأذواق، فيثار الجدل الدائم بخصوص من له أحقية الحصول عليها، مؤكدا أنها ترجع لاختلاف وجهات نظر واختلاف الذائقة الأدبية من ناقد لآخر ومن قارئ لآخر، وخصوصا وأن لجنة التحكيم تتغير في كل عام، متابعا: “من الواضح أن هناك حسابات أخرى غير أدبية للجائزة”.
وتابع عادل لـ”الوطن”، أن المشكلة هذا العام تختلف عما يثار من جدل كل عام، نظرا لانسحاب الكاتبة أنعام كجه جي من حفل الإعلان عن الجائزة ما يطعن في نزاهة الجائزة، قائلا: “الجائزة التي ظنت أنها تمنح نفسها لنص أدبي متميز، منحت لاسم هدى بركات مش رواية برد الليل، وهذا ما قالت الكاتبة في حفل استلامها الجائزة، وهو ما أغضب الناس”.
كوارث وليست جوائر
أما الناقد يسري عبد الغني، في حديثه لـ”الوطن”، رفض الجائزة بشكل عام حيث يرى أن المشهد الروائي يتعرض للعديد من المشكلات وآخرها ما أصاب الجوائز الأدبية الخاصة بالرواية من داء داخلي ذكي يهدد الجنس الروائي نفسه دون أن يدري، فانتشار الجوائز ذات المبالغ المالية الكبرى والممولة من بلدان ليست لها تقاليد أدبية في هذا الجنس الأدبي باعتباره حالة من التحرر المطلق يمثل خطرا على الرواية، لأن واضعي الجوائز وضعوا معها شروطهم المتناقضة مع أدبيات الفن الروائي، فهذا الجوائز المحافظة أصبحت تحول وجهة الكتابة الروائية نحو قالب جديد مغربلة لغتها ومشاهدها ومضبوطة أقاصي جرأتها.
توقعات بفوز الطحاوي
وكتب سيد محمود في (الشروق) فى هذا العام بالذات توقع الكثير من المصريين أن تذهب جائزة البوكر للروائية المصرية المقتدرة ميرال الطحاوي عن روايتها الجميلة (أيام الشمس المشرقة ) إلا أن فوز الروائي العماني زهران القاسمي عن روايته (تغريبة القافر) لم تنتج عنه حروب وانتقادات ذات نزعة شوفينية وهو تطور إيجابي يظهر رغبة القراء في الانفتاح على تجارب سردية جديدة لا سيما أن الأدب العماني حقق طفرات كبيرة خلال السنوات الأخيرة بعد أن نجح أدباء عمانيون في الفوز بجوائز مهمة، فقد حصلت بشرى خلفان العام الماضي على جائزة كتارا ونافست على البوكر بروايتها الرائعة «دلشاد» كما فازت منى حبراس بجائزة السلطان قابوس وفازت عائشة السيفي بجائزة شاعر المليون ونالت جوخة الحارثي أرفع جائزة عالمية وهى جائزة البوكر البريطانية العريقة في العام 2019 لتسلط الضوء على مساهمات جيلها من الكاتبات هناك خاصة الروائية هدى حمد التي تعد في طليعة الأسماء الجديرة بالالتفات إلى جانب سليمان المعمري ويحيى المنذري ومحمود الرحبى وكلها أسماء تعزز حضورها خلال السنوات التي أعقبت ظهور مجلة نزوى التي تولت بفضل سيف الرحبى التبشير بالكتابة الجديدة التي تخطت الأدب التقليدي هناك وبعد نحو ربع قرن من صدور المجلة يمكن قياس ما استطاعت ترسيخه على صعيد محلى وعربي أيضا فهي لا تزال المجلة الثقافية الوحيدة الصامدة في مواجهة التحولات التي عصفت بالكثير من المجلات الثقافية، ولا شك أن فوز زهران جاء ليلفت نظر القراء للطفرة العمانية التي تستحق تأملا جادا وبحثا نقديا متعمقا.
وأجمل ما في هذا الفوز أنه لم يهز ثقة كاتبة كبيرة مثل ميرال الطحاوي في قيمة عملها وجدارة مشروعها السردي، فقد حرصت على تهنئة الفائز بفوزه وواصلت مع القراء من كل مكان الاحتفال بمشروعها الروائي الكبير داخل أروقة معرض أبو ظبى وخارجه.
لا يختلف اثنان على أن تجربة ميرال تكشف عن مشروع إبداعي واضح الملامح، صحيح أن ميرال غابت عن الكتابة لأكثر من عشر سنوات بعد استقرارها في أمريكا لكن عودتها جاءت قوية ونجحت خلال عام واحد في إصدار 3 مؤلفات من دور نشر مختلفة عززت من تواجدها ونجحت معها في استعادة جمهورها والتفاعل مع الأجيال الجديدة من القراء الذين قدمتهم مواقع التواصل الاجتماعي ونوادي القراءة على خلاف الكثير من أبناء جيلها الذين لا زالوا محاصرين في الأطر القديمة.
أعترف أنني مثل كثيرين توقعت فوز ميرال وروايتها وراهنت على فوزها، إلا أن لجنة التحكيم التي رأسها الروائي المغربي محمد الأشعري كان لها رأى آخر وهو محل احترام ومهما كانت الانتقادات لهذا القرار علينا أن نحترمه، لأن شروط لعبة الجوائز واضحة، وشخصيا لا أعتقد في وجود مؤامرات وتربيطات لكنى أرى الجوائز مغامرة مفتوحة على احتمالات كثيرة خاصة أن هناك دائما فائز واحد بينما المرشحون كثر.
ظني أن ما يستحق التفكير حقا هو سؤال عن علاقة ميرال وجيلها بجوائز الدولة في مصر فهم أولى بالتقدير المحلى وهو جيل على مشارف الستين وصار من الضروري أن يتصدر قوائم الترشيح في جوائز بلاده، فمن المخجل جدا أن هذا الجيل الذى نال التشجيعية من عشرين عاما لا يزال بعيدا عن خيارات الجامعات والمؤسسات التي تحصر ترشيحاتها للجوائز في إطار هيئات التدريس وتنظر للجوائز كمكافأة لنهاية الخدمة.
والسؤال: لماذا تحظى أسماء مثل إيمان مرسال وفاطمة قنديل ومى التلمساني وميرال الطحاوي ومحمود قرني وإبراهيم داوود وابراهيم عبد الفتاح ومنتصر القفاش وغيرهم باهتمام وتكريمات تأتى من الخارج بينما يتم تجاهل مشروعها من المؤسسات داخل مصر بل إن هناك جيلا كاملا هو جيل الثمانينيات سقط تماما من الحسابات وهو بحاجة إلى انصاف حقيقي لمشروعه الإبداعي.
وعلى الرغم من الاحباط الذى تولد من عدم فوز ميرال الطحاوي بجائزة البوكر إلا أن فوز الفنان عمر خيرت بجائزة شخصية العام في جائزة الشيخ زايد للكتاب وفوز الدكتورة فاطمة الودى بجائزة التقنيات والنشر في نفس الجائزة خفف كثيرا من هذا الإحباط ومد المشاركين المصريين بطاقة فرح غمرت الجميع ليتحول المعرض إلى مناسبة للبهجة.
أزمة جائزة البوكر العربية ولجان التحكيم
وكتبت الكاتبة السورية ابتسام تريسي (2017) تساؤلاتها وملاحظاتها ونقدها للجائزة في التالي:
“على الرغم من كثرة الجوائز العربية الخاصة بالرواية وتفوق بعضها مادياً مثل جائزة الشيخ زايد إلاّ أنّ البوكر بنسختها العربية هي أكثر الجوائز شهرة وانتشاراً والأكثر إثارة للجدل.
وقد سجلت أكبر تنافس بين الروائيين العرب، فكان الإقبال على المشاركة فيها كبيراً كاسحاً ولم يسبق لأي جائزة أنّ سجلت هذا العدد الهائل من المتقدمين سنوياً إليها، لكن لابد من الإشارة إلى منافس جديد قد يتجاوز البوكر في الإقبال لكنّ حيثيات جائزته لا تختلف كثيراً وهي جائزة كتارا.
الجائزة وموضوع الرواية:
في دورتها الأولى وقبل أن تتبين ملامح جائزة البوكر حصد الروائي المصري بهاء طاهر الجائزة عن روايته “واحة الغروب”.
ولأنّ الجائزة في سنتها الأولى حوت أسماء روائيين كبار في قائمتها الطويلة أثار عدم فوز تلك الأسماء بعض الضجة التي لم تخلّف غباراً كثيرا، لكنّ بعض الصحفيين قالوا إنّها أعطيت لبهاء طاهر تقديراً لتاريخه الروائي وسنه؛ وفي هذا غمز وإشارة واضحة إلا أنّ روايته لم تكن الأفضل بين الروايات الستة عشرة المتنافسة على الجائزة. وصرّح الشاعر والصحفي المصري أسامة الغزولين يومها أنّ قرار اللجنة ليس تبعاً للاستحقاق الأدبي بل إنّ اللجنة تقسم الاختيارات في القائمة القصيرة على أرجاء العالم العربي وهذا يجب أن ينتقد، كما قال إنّ “واحة الغروب” فازت بسبب موضوعها الذي تناول علاقات بين مثليات وشخص يتساءل عن حق مصر في السيطرة على “واحة سيوة” وهذا برأيه يلائم أذواق “ما بعد الحداثة” ويلقى صدًى كبيرًا في الخارج!
في الدورة الثانية فازت رواية عزازيل للمصري يوسف زيدان مما جعل النقاد يتساءلون عن إمكانية فوز روائي مصري في الدورة الثالثة خاصة وأنّ ثلاثة روائيين مصريين وصلوا إلى القائمة القصيرة! لكنّ الجائزة وعلى غير المتوقع ذهبت لرواية “ترمي بشرر” للسعودي عبده خال.
تحديد الفائز قبل ظهور القائمة القصيرة:
علماً أنّ الناقد المصري جابر عصفور صرّح في الكواليس بأنّ الجائزة ستذهب للروائية اللبنانية علوية صبح عن روايتها “اسمه الغرام” وأعلنت هي ذلك في جلسة خاصة في مؤتمر العجيلي الذي أقيم في مدينة الرقة السورية قبل أن تظهر القائمة القصيرة التي أبعدت رواية علوية منها وانسحبت الناقدة وعضوة لجنة التحكيم الدكتورة “شيرين أبو النجا” على إثر ذلك من اللجنة! وعلى الرغم من أنّها صرّحت أنّ انسحابها ليس له علاقة باستبعاد رواية علوية صبح إلاّ أنّ الصحافة أصرّت على أنّه السبب الحقيقي لانسحابها خاصة بعد أن عُيّن الروائي الكويتي “طالب الرفاعي” رئيساً للجنة والذي قالت عنه شيرين أبو النجا إنّه لا يصلح لأن يكون كاتباً من الدرجة العاشرة!
نفوذ الكاتب وعلاقاته هل يلعبان دوراً في الحصول على الجائزة؟:
في دورتها الرابعة وعلى الرغم من وجود أسماء روائية هامة في القائمة الطويلة ومنها الروائي خيري شلبي إلاّ أنّ المعايير تغيّرت وذهبت الجائزة مناصفة للسعودية رجاء عالم عن روايتها “طوق الحمامة” التي تناولت فيها الحياة في مكة من جانب التشدد الديني وحياة العمال، والمغربي محمد الأشعري عن روايته “القوس والفراشة”.. وأثيرت الزوابع حول فوز وزير الثقافة المغربي بجائزة البوكر وكانت الإشعاعات الأكثر حضوراً تغمز من قناة لجنة التحكيم المتورطة في منح الجائزة لمكانة الروائي الوظيفية بدل العمل الأدبي! وأيضاً منحها لموضوع الرواية المثير للجدل.
وقد صرّح أسعد أبو خليل وهو أستاذ “لبناني” للسياسة في جامعة كاليفورنيا قائلاً: “هذه الجائزة مؤشر آخر على فساد الحياة الثقافية العربية”.
في دورتها الخامسة ومع حصول الروائي اللبناني ربيع جابر على الجائزة عن روايته “دروز بلغراد” تغيّرت بوصلة الاتهامات والضجيج المثار حول لجان التحكيم ولم يهدأ الغبار طويلاً.
دور الأدباء الشباب:
بعد حصول سعود السنعوسي الروائي الكويتي الشاب على الجائزة في دورتها السادسة صارت الجائزة تحوي أسماء روائيين شباب وتراجع حظ الكبار سناً والأسماء المهمة في عالم الرواية.. لا أقلل من شأن رواية السنعوسي فقد كتبت عنها دراسة نقدية نشرت في مجلة العربي قبل فوز السنعوسي بأيام وتنبأت لسعود بمستقبل مبهر في عالم الرواية لكنّي لم أتوقع حصوله على البوكر بهذه السرعة.
طالب الرفاعي من رئيس للجنة التحكيم في دورتها الثالثة إلى مشارك في التاسعة:
الدورة التاسعة أثيرت زوبعة حول رواية طالب الرفاعي “في الهنا” التي استبعدت من القائمة الطويلة بعد اتهام الكاتب بأنّه غيّر تاريخ الطباعة فمن شروط الجائزة أن تكون الرواية مطبوعة في العام نفسه الذي تتقدم فيها للجائزة، وقد قام الكاتب الكويتي طالب الرفاعي بإعادة طبع رواية “في الهنا” بنسخ محدودة وتقدم بها للجائزة وبعد وصولها إلى القائمة الطويلة اكتشف الأمر! لكنّ الزوبعة لم تكن هنا بل قبل ذلك حين استقالت الروائية اللبنانية هدى بركات من لجنة التحكيم وصرّحت بأنّ رواية الرفاعي لا ترقى للوصول إلى القائمة الطويلة مما اضطر أمانة الجائزة لتغيير اللجنة بكاملها!
الأعداد الهائلة من الروايات ومصداقية القراءة:
عندما سئلت عضوة لجنة التحكيم بروين حبيب عن إمكانية قراءة هذا العدد الهائل من الروايات في سنة وتقييمها قالت إنّها كانت تقرأ في كل مكان وفي معظم الوقت وإنّ الروايات تفصح عن نفسها من الصفحات الأولى فهي إما تعطيك مؤشراً لإكمالها أو استبعادها! وهذا أيضاً رأي الدكتورة سحر خليفة في هذه الدورة! وقد صرّحت بأنّ بعض روايات هذه السنة لا تستحق الورق الذي كتبت عليه. كما قامت ببادرة لم يسبقها أحد إليها وهي إعلان القائمة القصيرة على صفحتها في الفيس بوك قبل الإعلان الرسمي عن الأسماء وذكر البعض أنّها خافت من الضغوطات وحاولت تبرئة ذمتها بنشر الأسماء قبل الموعد.
على ماذا يعتمد المحكمون في منح الجائزة؟:
من يفوز بالجائزة ليس الأجود بل تلعب السياسة دوراً كبيراً والحظ أيضاً فرواية الطلياني للمبخوت مثلاً ذهبت لتونس وليس للعمل الإبداعي والرواية هي الأولى للكاتب، رواية مليئة بالطروحات المفتعلة التي لا تقنع القارئ لكنّ لجنة التحكيم أرادت منحها لتونس بشخص المبخوت. وإذا كان نظام الجائزة نظام محاصصة فلماذا استبعدت سوريا من تلك المحاصصة؟
طيلة عشر دورات من عمر الجائزة لم تمنح لسوري على الرغم من التصريحات التي تقول بأنها تقسّم على أرجاء الوطن العربي، وقد وصل عدد من الروائيين للقائمة القصيرة منهم فواز حداد وخالد خليفة.. لكن المثير للاستغراب أنّ لجنة التحكيم لهذه السنة (وفيها المترجم الفلسطيني السوري صالح علماني المعروف بتأييده لنظام بشّار الأسد) قد استبعدت ست روايات عن الثورة السورية من المنافسة بين هذه الروايات رواية لكاتب مصري! وهذا دعا الكثيرين للتساؤل حول مصداقية لجنة التحكيم وقدرتها على التحكيم بموضوعية بعيداً عن التوجهات السياسية والإملاءات الخارجية التي تريد على ما يبدو طمس مصطلح ثورة من التداول كي تبقى الحرب على الإرهاب “المصنع” مستمرة”
ـــــــــــــــــــــــ
*تحرير فريق نقد الرواية العربية..