أجرى الحوار : مكسيم روفيري
ترجمة: الحسن علاج
\” يتلاعب الساسة بمشاعرنا بشكل لاهوادة فيه \”
انكبت عالمة الاجتماع إيفا إيلوز Eva Illouz) (، في كتابها الأخير، على العلاقات بين مشاعرنا واشتغال نظمنا الديموقراطية. مع إسرائيل نتانياهو كمجال لدراسة متميزة.
تدرسون الطريقة التي تقاوم عبرها مشاعرنا الديموقراطية. هل يعتبر ذلك ثمرة تلاعب ما؟
إيفا إيلوز : لطالما شكلت المشاعر جزءا لا يتجزأ من السياسة؛ بيد أن التسويق السياسي، تكنولوجيات وسائط الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي تغير في ذلك الوقت، الطريقة التي تعمل على انتشار المعلومة والطريقة التي يتم من خلالها استيعاب تلك المعلومة . ضمن هذا المشهد المتغير، يعمل السياسيون، بمساعدة خبراء، على التلاعب بالمشاعر دون هوادة. إلا أن البعض من تلك المشاعر تتدخل في العملية السياسية، وفي العلاقة بين المواطنين والمؤسسات العمومية. يُلاحظ إذن خلل وظيفي: بينما ترتكز الديموقراطية على عقلانية المواطن (أثناء التصويت) ومسارات التداول العام، فإن ذلك التكثيف العاطفي يعيد النظر في شخصية المواطن الديموقراطي.
يتمحور تحليلكم حول أربعة مشاعر: الخوف، التقزز، الضغينة وحب الوطن. إن مفاقمتها تشجع على الشعبوية كما تقولون. لكن ألا تفترض كل هوية جماعية إقصاء شخص آخر؟
إيفا إيلوز: لنأخذ حالات متعددة: تعرفت الجمهورية الفرنسية، إبان الثورة على الأعداء، إلا أن الهوية التي أقرتها شملت، ببطء، مختلف الطوائف، الطائفة اليهودية على سبيل المثال ؛ كذلك تأكيد الأمة الأمريكية، مع الإقصاء التام للسود بشكل عنيف، يتغذى على استيعاب مجموعات متعددة . لذلك، فحتى وإن كانت كل هوية تمر عبر استبعاد \”آخرين\”، فبإمكانها أحيانا وبشكل مفارق، أن تضم إليها التعدد. هذا يختلف كثيرا عن أوضاع العنصريين البيض في الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن، على سبيل المثال، التي شيدت على الإقصاء. الذي طرأ الآن هو ما أعكف على دراسته باعتباره شعورا بالقرف: يتم تصور المستبعدين مثل \”ناقلين للعدوى\”، أو \” ملوِّثين \” .
أوضحتم في العديد من المناسبات أن الدور المهم الذي يلعبه الدين ، ولاسيما بتعريفه ال\”طاهر\” وال\”نجس\” . هل يفاقم هذا الأخير من الكثافات العاطفية؟
إيفا إيلوز: لا ، سوف يكون الأمر بسيطا جدا. إلا أنه يتضح أن الدين في حالة إسرائيل ، مدمج بشكل شامل في الدولة، مما يوحي بتسويات دائمة بين الأحزاب السياسية والدينية، مع تأثير قوي على المجتمع : تتوقف وسائل النقل العمومي عن العمل يوم السبت، استحالة الزواج المدني، إلخ . تعتبر الديانة اليهودية ديانة استثنائية تسمح لأقلية بالتواجد باستمرار ؛ إلا أنها ليست متأقلمة لا مع القيم ولا مع المثل العليا للديموقراطية. بإمكان مختلف أشكال الدعم التي تقدمها القوانين المقدسة أن تضعف موضوع التسويات السياسية . إن المقدس لا يكون قابلا للتفاوض.
تقدمون التضامن والأخوة كمشاعر تصبح ترياقا للآخرين. كيف تفضلونهما؟
إيفا إيلوز: بادئ ذي بدء، لا بد من التمييز بين الاثنين. يعتبر التضامن صفقة تتم بداخل زمرة اجتماعية . إنه تأثير سياسات الدولة. ففي إسرائيل، يتضامن العلمانيون مع المتدينين المتطرفين الأرثوذوكس، الذين يعرفون أنفسهم على الرغم من ذلك، على أنهم خارج العقد الاجتماعي. وبالمقابل، فإن الأخوة تنتمي إلى المجتمع المدني؛ ينبغي عليها أن تشتغل تحت المؤسسات. لهذا السبب تصعب الإحاطة بها تماما، لأنها تشير إلى علاقات غير رسمية بين المواطنين. وفي جميع الأحوال، من الأكيد أن ثقافة قانونية كونية تظل عنصرا جوهريا للأخوة .
ــ
مصدر النص : المجلة الفرنسية
Lire magazine littéraire) (في عدد جديد رقم 512 أكتوبر 2022 . خصصت المجلة ملفا للروائي الفرنسي لوي فردناند سيلين